Kitty Searching |
أنا لستُ أنا، القط داخلي صار يلزم السكوت طويلاً. لا يعجبني مجرى الحديث، قفي قليلاً، و بعصا سحرية نحول القط إلى قطة. نقول: القطة التي بداخلي، خالفت عادتها بالثرثرة، و صارت تجفل صامتةً لبرهٍ متطاولة. القطةُ الأنثى تسكن الأدمي الذكر. كانت تستنشق رائحة الدمِ الأبيض، و نسيم الشباب بين أضلعي. هرمتُ على أن أركض ورائها، و شاب الشعرُ الأسود فوق نسيج الذاكرة. صارت تسبقني، و صرت أنسى القطة التي كانت ترشدني سبيلَ المنزلِ. و فجأةً أتنافضُ، زادت سبعةُ أرواحٍ على نصف روحي المجهدة. ألعق الحليب فوق جدران البريدِ، و أمضي تجرني خيوط الشمس فأجري ورائها، و أحسب أن الطريق ينتهي في مدارها. يفقد الرصيف تـحت رجليَّ الاثنتين رجولته، إلى مادةٍ أكثر ميوعة، فتصير لديَّ أربعة أرجل، و أموء، ميو ميو، إني أكرهُ الماءَ، إني أغرق. لماذا لا تعرف
القططُ السباحة؟
عاف البلل سوءً بسيوف العزِ تحت أنفي، سحقاً لها لا تعرف التوازنَ. اهترأت خطواتي، تحت سطح الماء، و صار ثقل الأجسام، كعقلي، أخفَ وزناً. علَّ يسكنهٌ شيء من غازٍ نبيلٍ، كما سكنتُ جسمَ قطةٍ تسير تحت الماء، فأطير، معلناً معجزة القطةِ المسكونة الطائرة. لا، لا، قفي مطولاً، يغلب على حديثي تطبع الصحراء. كأني أتكلم و فوق فمي شماغٌ أحمر. أُحِس بذرات الرمال تقتحم حروفي. تطفأ جدوة النار التي تلهب الكلماتِ. لنحاول أن نحلق، دائما يجدي الطيران نفعاً، حتى مع القطط. لكني أدمي، و إن سكنت داخلي قطة. و عندما أقفز، أقفزُ أعلى، و أحاول الكرة، أقفز من شاهقٍ، و أسقط. اهتز ظلي، فصار باهتاً في عتمته، و
جرحت كبريائي، فصار ينزفُ دماً أزرق.
رائحة الدم، تزعجني، ليته جرذٌ فوق الطريق، تهورَ، فَـدُهِسَ. بدأت أظافري بالنمو المطرد، كأنها مخالب. أنهش بها وجهي، و أمشط بها شعري. أجمع شتات فكري، أنا لا أطير بين الغيوم، أفكاري، أيتها الخرفان من دون راعٍ، تعالي فوق أرصفة الشارع، أنا لست المسيح أجمع الخراف، كي لا ينتهي بك المصير كما انتهى بالجرذ. عبق الدمِ تسلل لمكمنِ الفكرِ، و ايقظ داخلي غريزة العطشِ لمزيدٍ من السائلِ اللزجِ الأحمرِ. سأطارد ظلي، كأنه كرة الصوفِ، أقطّع أوصالهُ، فينزفُ و يروي ظمأي. أعلمُ أنك تريدين إيقافي، هل تفهمين مجرى حديثي فوق لساني؟ كرةُ الصوفِ لقطةٍ داخلي، كقرصِ النار اعتادت سماء الآدميين أكله. تـتـجشأ سمائكم متخمةً و تنام. و لازلتُ خارج المنزلِ، ضليل الدربِ.
المشكلةُ أصعب من أن تحل. سأحتضن الرصيف، و ينتظرُ سهادي متعبَ العينينِ، زائرَ الليلِ، ملاكاً يهب النومَ لمن يشاء.. و يسقني القهوةَ و يقول: اسهر... ليتها كـأسٌ صهباءُ و يناديني: اشربْ و اسكرْ... و غني، فتهب القطة التي داخلي، تبحث عن بنات الضوء، تقفُ و تطربُ الساهرةُ مثلها.. و يرميها أحدهمُ من نافدة مجاورة، بنعلٍ، و يقول اسكتي يا بنت الساحرة.. و تنزفُ القطةُ، هي ليست أنا، و أنا لستُ هيَ. ابكي لدمائها، فتلتم حولها قطط من أزقةٍ مجاورة. تذرف الدمَ ثمناً بخساً، و تدور حولها، و حولها، كأنها تعتق من عنجهية البشرِ، روحا ضلت طويلاً، و كانت في سبيلها الممتدِ طروبةً مرهفة.
0 comments:
Post a Comment