ذاك أحد الوعود الذي قُطِعَ. ألا تمتد عينيَّ
لغيركِ، و ألا تنبس شفاهك لغيري. صوت السكينة يصيبني بالصمم، كلما رجوتك فصلاً من
كتاب الذاكرة. تُقطع الوعود، لتقطع. تنفجر السماء بالرعد كاسراً حائط الصمت الفارضِ
حصاراً على شفاهكِ. ينهار المطر فأمسك بذراعكِ لنفر تحت سقفٍ يخسر الصراع مع قطرات
الماء. عانيت طويلاً و باحثاً عن الحروف التي ترشدني لكِ. تتنافض أطرافك برداً،
فارسم في مخيلتي رداءً يقيك و طوباً يكفينا المطرَ.
أخسر الجدال مع السكوت، و كلما ارتفعت حدة صوتي تأخذين
بالانحسار وراء حجاب الصمت. يستوحد بي صدى صراخي، و سرعان ما يستوطن الهدوء جدران
المعركة. لا تدرك العاقلة بغية الرجل في صولة صوته و تأجيج حنجرته أمام كبريائك الذي
يتدرع التجاهل. لازالت تمطر و بدأت بنات السماء تخترق سقف المخيلة. أغمض عينيَّ،
لأرى الأرض يراعاً، اجذبت فوقها بقية الأفكار التي راودتني و أنا أبحث في بوحي
عنكِ. رحلةُ الأبجدية منذ عصور الكهوف حتى تلاقي أذنيكِ.
أراكِ أمامي ماثلةً، لستِ صنيعة الحلمِ. يتمسكنُ
داخلي الطفلُ الذي يحن لثديكِ. سرعان ما فطنتُ خسارتي الصراعَ بين كبريائي و الحنين.
فكيف بذاك بين كيانكِ و خوائي؟ كم يبكيني، كنتي تبتسمين له، و تولد داخل البسمة
ضحكة. كم يقتلني، كانت تضج عيناك بالحياة و أنتِ تتأمليه. حسبته رفيقاً ملَّكتِيه
منكِ مختارةً ما تشائين. و ما أدركت أنه الخليل الذي استجرأ فيك رجفة الخافق و
طرفة العين. أراكِ أمامي في سراديب الذنوب. إنما تستعصي على رجولتي الإقرار، و تأنف
مروئتي المطالبة بالعقاب.
صار المطرُ ينهمل من عينيك. يتعثر خيالي في شروده، كيف
يصد جيشاً يبكي؟ يخر السقفُ فوقنا، و نغرق في سيلٍ من الوحل. ظفرت منكِ بدمعة، و
سلب مني ثغرك الضاحك. أعفيك الإجابة عن سؤالي، فقط أوقفي ذرف دموعكِ. لا تبكي، قوة
عينيكِ فوق طاقة خيالي، و غضبي، و احساسي بالألمِ. كيف أردُ عليك، أيليق على الرجلِ
البكاءُ؟ في دفاعكِ تهاجمين، و أرسم ألف دربٍ في خيالي يأخذني تحت شلال ماء، لتفقد
القطرة معنى الانسكاب.
سأكيل بمكيالكِ. سأفجر، و أناكح مثنى و ثلاث و
رباع. سأجعل كل العذارى عاهرات. سأحفر أخدوداً يخترق جدران العفة و كتب التقوى. سأنصب شبكاً داخل عينيَّ لا تفلت منه أنثى. حينها واجهيني، أرجوك، و اصرخي أنت
خائن. اكسري القيد الذي فرضتيه عليّ فوق لسانكِ. خاطبيني، كي تخسري، لن يحميك
صمتكِ. سأدير ظهري، و أتخيل أنك تحدثتي و اعتذرتي، و رجوتي ما قتلتي من رحمةٍ داخل
فؤادي أن أعودَ.
Picture: tears of stone by aphostol
0 comments:
Post a Comment